مدونة أبي جعفر عبد الله بن فهد الخليفي: الكلام على زيادة ( ولحومها داء ) في حديث البقر

الكلام على زيادة ( ولحومها داء ) في حديث البقر



الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد : 
                  

قال الطبراني في الكبير 79 : حدثنا علي بن عبد العزيز ثنا أحمد بن يونس ثنا زهير حدثتني امرأة من أهلي عن مليكة بنت عمرو الزيدية من ولد زيد الله بن سعد قالت :
 اشتيكت وجعا في حلقي فأتيتها فوضعت لي سمن بقرة قالت : أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : ( ألبانها شفاء وسمنها دواء ولحومها داء )

أقول : مليكة بن عمرو مختلف في صحبتها ، ورجح أبو داود عدم صحبتها .
 وتلك المرأة المبهمة إذا كانت من طبقة زهير فلم تسمع أحداً من الصحابة

قال السخاوي في المقاصد :" " المقاصد الحسنة " و قال ( 331 ) : " رجاله ثقات لكن الراوية عن
ملكية لم تسم ، و قد وصفها الراوي عنها زهير بن معاوية أحد الحفاظ بالصدق وأنها امرأته .
 و ذكره أبي داود له في " مراسيله " لتوقفه في صحبة مليكة ظنا ،و قد جزم بصحبتها جماعة و له شواهد عن ابن مسعود رفعه : " عليكم بألبان البقر و سمنانها ، و إياكم و لحومها ، فإن ألبانها و سمنانها دواء و شفاء ، و لحومها داء "

أقول : فإذا كانت امرأته فهي من طبقته ، وهذا يدل على أن مليكة ليست صحابية فلو كانت صحابية ما تمكنت امرأة زهير من سماعها ، فالخبر مرسل كما رجح أبو داود

وقال الحاكم 8232 : حدثني أبو بكر بن محمد بن أحمد بن بالويه ثنا معاذ بن المثنى العنبري ثنا سيف بن مسكين ثنا عبد الرحمن بن عبد الله المسعودي عن الحسن بن سعد عن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود عن أبيه : عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : عليكم بألبان البقر و سمنانها و إياكم و لحومها فإن ألبانها و سمنهانها دواء و شفاء و لحومها داء
هذا حديث صحيح الإسناد و لم يخرجاه
قال الذهبي في الميزان :" 3640 - سيف بن مسكين . عن سعيد بن أبى عروبة ، شيخ بصرى، يأتي بالمقلوبات والاشياء الموضوعة"
أقول : فهو ضعيف جداً فلا يصلح في الشواهد

وقد ورد من غير هذه الزيادة ( ولحمها داء ) من طريق أخرى
قال الحربي في غريب الحديث 80 : حدثنا داود بن رشيد ، حدثنا محمد بن سعد ، وحدثنا يحيى ، حدثنا ابن المبارك ، عن المسعودي ، عن قيس بن مسلم ، عن طارق ، عن ابن مسعود ، عن النبي صلى الله عليه قال :  عليكم بألبان البقر ، فإنها ترتم من كل الشجر .
فانفراد سيف بتلك الزيادة من دون ابن المبارك يدل على نكارتها
وقال الحاكم في المستدرك 7425: فَأَخْبَرَنَاهُ الْحَسَنُ بْنُ يَعْقُوبَ ، الْعَدْلُ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ الْفَرَا ، أَنْبَأَ جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ ، أَنْبَأَ الْمَسْعُودِيُّ ، عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ الْجَدَلِيِّ ، عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ ، يَرْفَعُهُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :
 إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يُنْزِلْ دَاءً إِلاَّ أَنْزَلَ لَهُ شِفَاءً إِلاَّ الْهَرَمَ فَعَلَيْكُمْ بِأَلْبَانِ الْبَقَرِ فَإِنَّهَا تَرُمُّ مِنْ كُلِّ شَجَرٍ.
فهذا جعفر بن عون رواه بدون هذه الزيادة ، وكذا رواه الطاليسي في مسنده بدون هذه الزيادة وغيرهم
وقد روى غير المسعودي هذا الخبر عن قيس وأسقط ذكر عبد الله
ومتن هذا الحديث منكر

قال الزركشي في اللآليء المنثورة في الأحاديث المشهورة ص148:" قلت بل هو منقطع وفي صحته نظر فإن في الصحيح ان النبي ضحى عن نسائه بالبقر وهو لا يتقرب بالداء"

وهنا إضافة من الأخ أبي حمزة مأمون الشامي :
أخرج أبو نعيم في الطب النبوي 325: أخبرنا أحمد في كتابه، حَدَّثَنا محمد بن جرير، حَدَّثَنا أحمد بن الحسن الترمذي، عَن موسى بن محمد النسائي، حَدَّثَنا دفاع بن دغفل السدوسي، عَن عَبد الحميد بن صيفي بن صهيب، عَن أبيه، عَن جَدِّه صهيب الخير، قال: قال رسول الله صَلَّى الله عَليْهِ وَسلَّم: عليكم بألبان البقر فإنها شفاء وسمنها دواء ولحومها داء.
موسى بن محمد النسائي خطأ وتصويبه في رواية أخرى من نفس الكتاب:

766: أخبرناه أحمد بن محمد في كتابه، حَدَّثَنا محمد بن جرير، حَدَّثَنا أحمد بن الحسن الترمذي، حَدَّثَنا محمد بن موسى به قال:، حَدَّثَنا دفاع بن دغفل السدوسي، عَن عَبد الحميد بن صيفي بن صهيب، عَن أبيه، عَن جَدِّه صهيب الخير، قال: قال رسول الله صَلَّى الله عَليْهِ وَسلَّم: عليكم بألبان البقر فإنها شفاء وسمنها دواء.
وهذا ليس فيه ذكر اللحوم.
محمد بن موسى هو محمد بن موسى بن بزيع الشيباني كما في ترجمة أحمد بن الحسن الترمذي من التهذيب ترجمه ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل 353 وقال أبوه (شيخ).
دفاع بن دغفل قال أبو حاتم ضعيف الحديث.
عَبد الحميد بن صيفي بن صهيب وأبوه مترجمان في التاريخ الكبير والجرح والتعديل ولم أقف لهما على جرح ولا تعديل.
وذكره ابن القيم في زاد المعاد 4/298 وقال : ولا يثبت ما في هذا الإسناد.

وقال ابن عدي في الكامل 7/300:
حدثنا عبد الله بن محمد بن ياسين، حدثنا محمد بن معاوية الأنماطي، حدثنا محمد بن زياد الطحان عن ميمون، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم سمن البقر وألبانها شفاء ولحومها داء.
والطحان كذاب خبيث كما قال الإمام أحمد.
      
وسئل ابن عثيمين
في حديث لحوم البقر الذي جاء في آخره: أن "لحمه داء".بعض العلماء المعاصرين صححه، فكيف الجمع بين تصحيحهم وبين تضعيف بعض علماء السلف؟

الجواب: لا يحتاج هذا إلى جمع، أتظن أن ربك سبحانه وتعالى يبيح لك ما فيه ضررك؟
لا يمكن، إذا كان أباح لحم البقر بنص القرآن، كيف يقال: إن لحمها داء؟!! إذا كان الحديث الشاذ المخالف للأرجح منه في الرواية يرد، فالحديث المخالف للقرآن يجب رده.
ولهذا نقول: من صححه من المتأخرين وإن كان على جانب كبير من علم الحديث فهذا غلط، يعتبر تصحيحه غلطاً، والإنسان يجب ألا ينظر إلى مجرد السند بل عليه أن ينظر إلى السند والمتن، ولهذا قال العلماء في شرط الصحيح والحسن: يشترط ألا يكون معللاً ولا شاذاً.
لكن إذا تأملت أخطاء العلماء رحمهم الله ووفق الأحياء منهم علمت بأنه لا معصوم إلا الرسول عليه الصلاة والسلام، كل إنسان معرض للخطأ؛ إما أن يكون خطأً يسيراً أو خطأ فادحاً.
 أنا أرى أن هذا من الخطأ الفادح، أن يقول: إن لحمها داء ولبنها شفاء أو دواء.
كيف؟ سبحان الله!!
 احكم على هذا الحديث بالضعف ولا تبالي.انتهى كلامه

هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم

. .

جميع الحقوق محفوظة للكاتب | تركيب وتطوير عبد الله بن سليمان التميمي